الخبر -24: هاجر الرشم
في مشهد مأساوي يهزّ الوجدان ويعيد إلى الواجهة أسئلة مؤلمة حول الاستهتار بالأرواح واللامسؤولية في الفضاءات العمومية، خرج أب مكلوم ليحكي، والدموع تخنق صوته، عن المأساة التي ألمّت بابنته الصغيرة “غيثة”، الطفلة البريئة التي تحوّلت لعبتها البسيطة على شاطئ البحر إلى لحظة فاجعة.
بحسب رواية الأب، فقد كان يومًا عادياً كباقي أيام الصيف، اختار أن يصطحب طفلته للبحر، حفَر لها حفرة صغيرة لتلعب بها أمام عينيه، قبل أن يغادر لثوانٍ ليشرب بعض الماء… لم يكن يدري أن تلك اللحظة القصيرة ستُحوِّل حياته إلى كابوس دائم.
صرخات الناس، صوت الاصطدام، والركض نحو مصدر الفاجعة كانت بداية النهاية. سيارة رباعية الدفع، وسط زحام المصطافين، تدهس الطفلة غيثة، وجزء من دراجة مائية (جيتسكي) يصيبها في رأسها. الأب ركض وهو يرتعش، ليجد فلذة كبده غارقة في الدماء، وفكّها مكسور، ورأسها مفتوح. حملها بجنون نحو المستشفى، لكنه لم يحمل فقط جسدها، بل وجعًا لن يفارقه.
لكن الألم لم يتوقف عند هذا الحد. فبينما كان الأب ينتظر مصير طفلته في قسم المستعجلات، جاء بعض أفراد عائلة السائق المتسبب في الحادث، ليواجهوا عبارات الاستنكار من أقارب الطفلة. وجاء الرد صادمًا من أحدهم: “حنا عندنا الفلوس”. عبارة لم تكن مجرد كلمات، بل صفعة على وجه كل من يؤمن بأن أرواح الأطفال لا تُقاس بثمن.
الطفلة غيثة، الآن، ترقد بين الحياة والموت. ووالدها، الذي لا يصرخ، لا يهدد، لا يطلب سوى شيء واحد: العدالة. يقول في تصريح مؤلم: “منذ أسبوع وأنا ما قدرتش نرجع للدار، كنتفكر غيثة… كانت كتفتح ليا الباب وتقول بابا جا… هي كلشي عندي”.
قضية غيثة ليست مجرد حادث عابر، بل جرح في قلب كل أب وأم، وناقوس خطر حول غياب الوعي بالمسؤولية في الأماكن العامة. هي اليوم قضية رأي عام، ويجب أن تُفتح فيها كل أبواب التحقيق، حتى لا يصبح المال وسيلة لشراء الصمت، وحتى لا يُدفن الألم مع صرخات الضحايا في صمت.
غيثة تستحق الحياة، وتستحق العدالة.