الخبر-24 : منير لصفر
كل سنة، تحوّل مدينة طانطان إلى منصة ثقافية دولية بفضل موسمها الشهير، الذي بات يحمل بريقاً إعلامياً واعترافاً من اليونسكو بكونه تراثاً لا مادياً للإنسانية. القبائل، الفن، التبوريدة، الإبل، الخيام، الشعر، والموسيقى… كلها تزين وجه المدينة لأيام معدودة، فتُفتح الكاميرات وتُغلق الستائر.
لكن ماذا يبقى بعد انقضاء العرس؟ ماذا يجني المواطن الطنطاوي من هذا الزخم الموسمي؟ هل يجد ابن المدينة نصيبه من هذه الميزانيات الضخمة التي تصرف على “الفرجة” بينما يواصل التنقل يومياً في طرقات مهترئة، أو انتظار فرص الشغل التي لا تأتي، أو العلاج الذي يتطلب أحياناً قطع مئات الكيلومترات نحو مدن أخرى؟
يُقال إن المهرجانات تنعش الاقتصاد المحلي. نظرياً، نعم. لكن عملياً، هل تُترجم هذه الانتعاشة إلى تحسين فعلي في مستوى عيش الساكنة؟ هل تُستثمر هذه الحركية الموسمية في خلق بنى تحتية دائمة أو فرص تدريب أو تشغيل للشباب؟ أم أنها مجرد فقاعة مؤقتة تنفجر بانتهاء التظاهرة؟
طانطان مدينة غنية بتراثها وبإنسانها، لكنها في المقابل تعاني من خصاص كبير في مجالات الصحة، التعليم، والبنية التحتية. وها هنا يطرح السؤال نفسه: أليس من الأجدر التفكير في “موسم تنموي” دائم، يضع الإنسان في قلب السياسات العمومية، لا “موسم فرجة” يُستهلك إعلامياً ثم يُنسى؟
لا أحد ضد الثقافة، ولا أحد يعارض الاحتفاء بالهوية والتقاليد. لكن التنمية، مثلها مثل المهرجان، تحتاج إلى منصة، وإلى جمهور… لكن الأهم: تحتاج إلى إرادة حقيقية.