الخبر -24: بنت الصحراء س. ع
في خطوة مفاجئة تحمل أبعادًا أمنية ودبلوماسية خطيرة، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي انسحابه رسميًا من اتفاق السلام والمصالحة، الذي تم توقيعه في الجزائر عام 2015. وجاء هذا القرار في ظل اتهامات متبادلة بين باماكو والجزائر بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، مما أدى إلى تصاعد التوترات في منطقة شمال مالي، التي تشهد اضطرابات أمنية منذ سنوات طويلة.
وبررت السلطات المالية قرارها بتجدد الهجمات العسكرية من قِبَل الجماعات المسلحة، التي تشمل متمردي الطوارق، والتي تتهمها بخرق اتفاق وقف إطلاق النار. في المقابل، يشير الطوارق بأصابع الاتهام إلى الجيش المالي، متهمين إياه بالتقدم عسكريًا نحو الشمال والسيطرة على مدينة “كيدال”، المعقل الرئيسي للطوارق. وقد أسفر هذا التصعيد عن مقتل العديد من المدنيين وزيادة حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
ولم يأتِ انسحاب مالي بمعزل عن أزمة دبلوماسية متفاقمة مع الجزائر، الجارة التي لعبت دور الوسيط في اتفاق السلام. تشير مصادر إلى أن التوتر بين البلدين نابع من اتهامات مالية للجزائر باستغلال موارد المنطقة الطبيعية، من غاز ونفط، تحت ذريعة الحفاظ على أمن المنطقة.
الانسحاب من الاتفاق يعيد شمال مالي إلى دائرة العنف، في وقت يطالب فيه الطوارق بالاستقلال عن الجنوب منذ عقود. ويعزز ذلك المخاوف من اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق قد تمتد تأثيراتها إلى الدول المجاورة، ما يهدد أمن واستقرار منطقة الساحل بأكملها.
رئيس المجلس العسكري المالي، أسيمي غويتا، يراهن على الحسم العسكري أمام المتمردين، في ظل فقدان الثقة بأي حل سياسي. لكن تبقى التساؤلات حول قدرة الجيش المالي على مواجهة التحديات الأمنية في منطقة تعج بالجماعات المسلحة، وسط تراجع العلاقات مع الجزائر.
وفي ظل هذه التطورات، تبدو آفاق السلام في مالي أكثر غموضًا من أي وقت مضى، حيث يتحول الشمال إلى ساحة صراع مفتوحة على كل الاحتمالات، مع تداعيات إقليمية قد تعيد رسم خريطة النفوذ في منطقة الساحل والصحراء.